{وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} من الأمم رسلنا، وهم: عاد، وثمود، وقوم إبراهيم، وقوم لوط وغيرهم، {وَمَا بَلَغُوا} يعني: هؤلاء المشركين، {مِعْشَارَ} أي: عشر، {مَا آتَيْنَاهُمْ} أي: أعطينا الأمم الخالية من القوة والنعمة وطول العمر، {فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ} أي: إنكاري وتغييري عليهم، يحذر كفار هذه الأمة عذاب الأمم الماضية. {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ} آمركم وأوصيكم بواحدة، أي: بخصلة واحدة، ثم بين تلك الخصلة فقال: {أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ} لأجل الله، {مَثْنَى} أي: اثنين اثنين، {وَفُرَادَى} أي: واحدًا واحدًا، {ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا} جميعا أي: تجتمعون فتنظرون وتتحاورون وتنفردون، فتفكرون في حال محمد صلى الله عليه وسلم فتعلموا، {مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ} جنون، وليس المراد من القيام القيام الذي هو ضد الجلوس، وإنما هو قيام بالأمر الذي هو في طلب الحق، كقوله: {وأن تقوموا لليتامى بالقسط} [النساء – 127]. {إِنْ هُوَ} ما هو، {إِلا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ} قال مقاتل: تم الكلام عند قوله: {ثم تتفكروا} أي: في خلق السموات والأرض فتعلموا أن خالقها واحد لا شريك له، ثم ابتدأ فقال: {ما بصاحبكم من جنة}. {قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ} على تبليغ الرسالة، {مِنْ أَجْرٍ} جعل {فَهُوَ لَكُمْ} يقول: قل لا أسألكم على تبليغ الرسالة أجرا فتتهموني، ومعنى قوله: {فهو لكم} أي: لم أسألكم شيئا كقول القائل: ما لي من هذا فقد وهبته لك يريد ليس لي فيه شيء، {إِنْ أَجْرِيَ} ما ثوابي، {إِلا عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ} والقذف الرمي بالسهم والحصى، والكلام، ومعناه: يأتي بالحق وبالوحي ينزله من السماء فيقذفه إلى الأنبياء، {عَلامُ الْغُيُوبِ} رفع بخبر أن، أي: وهو علام الغيوب.