سورة سبأ - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (سبأ)


        


{وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} من الأمم رسلنا، وهم: عاد، وثمود، وقوم إبراهيم، وقوم لوط وغيرهم، {وَمَا بَلَغُوا} يعني: هؤلاء المشركين، {مِعْشَارَ} أي: عشر، {مَا آتَيْنَاهُمْ} أي: أعطينا الأمم الخالية من القوة والنعمة وطول العمر، {فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ} أي: إنكاري وتغييري عليهم، يحذر كفار هذه الأمة عذاب الأمم الماضية. {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ} آمركم وأوصيكم بواحدة، أي: بخصلة واحدة، ثم بين تلك الخصلة فقال: {أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ} لأجل الله، {مَثْنَى} أي: اثنين اثنين، {وَفُرَادَى} أي: واحدًا واحدًا، {ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا} جميعا أي: تجتمعون فتنظرون وتتحاورون وتنفردون، فتفكرون في حال محمد صلى الله عليه وسلم فتعلموا، {مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ} جنون، وليس المراد من القيام القيام الذي هو ضد الجلوس، وإنما هو قيام بالأمر الذي هو في طلب الحق، كقوله: {وأن تقوموا لليتامى بالقسط} [النساء – 127]. {إِنْ هُوَ} ما هو، {إِلا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ} قال مقاتل: تم الكلام عند قوله: {ثم تتفكروا} أي: في خلق السموات والأرض فتعلموا أن خالقها واحد لا شريك له، ثم ابتدأ فقال: {ما بصاحبكم من جنة}. {قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ} على تبليغ الرسالة، {مِنْ أَجْرٍ} جعل {فَهُوَ لَكُمْ} يقول: قل لا أسألكم على تبليغ الرسالة أجرا فتتهموني، ومعنى قوله: {فهو لكم} أي: لم أسألكم شيئا كقول القائل: ما لي من هذا فقد وهبته لك يريد ليس لي فيه شيء، {إِنْ أَجْرِيَ} ما ثوابي، {إِلا عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ} والقذف الرمي بالسهم والحصى، والكلام، ومعناه: يأتي بالحق وبالوحي ينزله من السماء فيقذفه إلى الأنبياء، {عَلامُ الْغُيُوبِ} رفع بخبر أن، أي: وهو علام الغيوب.


{قُلْ جَاءَ الْحَقُّ} يعني: القرآن والإسلام، {وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ} أي: ذهب الباطل وزهق فلم يبق منه بقية يبدئ شيئا أو يعيد، كما قال تعالى: {بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه} [الأنبياء- 48]، وقال قتادة: {الباطل} هو إبليس، وهو قول مقاتل والكلبي، وقيل: {الباطل}: الأصنام. {قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي} وذلك أن كفار مكة كانوا يقولون له: إنك قد ضللت حين تركت دين آبائك، فقال الله تعالى: {قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي} أي: إثم ضلالتي على نفسي، {وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي} من القرآن والحكمة، {إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ} {وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا} قال قتادة عند البعث حين يخرجون من قبورهم، {فَلا فَوْتَ} أي: فلا يفوتونني كما قال: {ولات حين مناص} [ص- 3]، وقيل: إذ فزعوا فلا فوت ولا نجاة، {وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ} قال الكلبي من تحت أقدامهم، وقيل: أخذوا من بطن الأرض إلى ظهرها، وحيثما كانوا فهم من الله قريب، لا يفوتونه. وقيل: من مكان قريب يعني عذاب الدنيا. وقال الضحاك: يوم بدر. وقال ابن أبزي: خسف بالبيداء، وفي الآية حذف تقديره: ولو ترى إذ فزعوا لرأيت امرًا تعتبر به. {وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ} حين عاينوا العذاب، قيل: عند اليأس. وقيل: عند البعث. {وَأَنَّى} من أين، {لَهُمُ التَّنَاوُشُ} قرأ أبو عمرو، وحمزة، والكسائي، وأبو بكر: التناوش بالمد والهمزة، وقرأ الآخرون بواو صافية من غير مد ولا همز، ومعناه التناول، أي: كيف لهم تناول ما بعد عنهم، وهو الإيمان والتوبة، وقد كان قريبا في الدنيا فضيعوه، ومن همز قيل: معناه هذا أيضا.
وقيل التناوش بالهمزة من النبش وهو حركة في إبطاء، يقال: جاء نبشا أي: مبطئا متأخرا، والمعنى من أين لهم الحركة فيما لا حيلة لهم فيه، وعن ابن عباس قال: يسألون الرد إلى الدنيا فيقال وأنى لهم الرد إلى الدنيا. {مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ} أي: من الآخرة إلى الدنيا.


{وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ} أي: بالقرآن، وقيل: بمحمد صلى الله عليه وسلم، من قبل أن يعاينوا العذاب وأهوال القيامة، {وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ} قال مجاهد: يرمون محمدًا بالظن لا باليقين، وهو قولهم ساحر وشاعر وكاهن، ومعنى الغيب: هو الظن لأنه غاب علمه عنهم، والمكان البعيد: بعدهم عن علم ما يقولون، والمعنى يرمون محمدًا بما لا يعلمون من حيث لا يعلمون. وقال قتادة: يرجمون بالظن يقولون لا بعث ولا جنة ولا نار. {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ}، أي: الإيمان والتوبة والرجوع إلى الدنيا. وقيل: نعيم الدنيا وزهرتها، {كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ}، أي: بنظرائهم ومن كان على مثل حالهم من الكفار، {مِنْ قَبْلُ}، أي: لم يقبل منهم الإيمان والتوبة في وقت اليأس، {إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ}، من البعث ونزول العذاب بهم، {مُرِيبٍ}، موقع لهم الريبة والتهمة.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6